كرم أبو سالم

كيف يعمل معبر البضائع الأساسيّ لقطاع غزة، الذي يشكل أيضا الرابط الحصريّ بينها وبين أسواق الضفة الغربيّة؟ أي بنى تحتيّة يفتقر لها المعبر، وما هي المشكلة في موقعه الجغرافيّ وما الذي يجب أن يحصل لرفع السقف الذي تضعه إسرائيل فوق اقتصاد القطاع؟

التالى

معبر كرم أبو سالم هو المعبر التجاري الأساسي في قطاع غزة، والمعبر الوحيد مع إسرائيل، وهو بمثابة شريان الحياة بالنسبة لسكان قطاع غزة. في كل يوم تدخل إلى غزة مئات الشاحنات التي تحمل منتجات أساسية، مواد خام للصناعة، معدات طبية، منتجات غذائية، مواشي، فواكه، وقود، مواد بناء وغيرها. وفق معطيات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني يتضح أن قيمة البضائع التي يتم شرائها من وكلاء أو شركات إسرائيليّة (بالإنجليزية) تشكل أكثر من %80 من مجمل قيمة السلع التي تدخل إلى غزة عبر المعبر. يعتمد المزارعون، أصحاب المصانع والتجار في غزة (والذين يشغّلون الآلاف من العمال في القطاع) على معبر كرم أبو سالم لتسويق بضائعهم، خاصة الى الأسواق الطبيعة بالنسبة لهم: الضفة الغربية، وإسرائيل وأيضًا لدول الخارج. السيطرة على المعبر، على بنيته  التحتية، وعل كل ما ينقل من خلاله – كم ومتى – في كلا الاتجاهين، هي بالأساس بيد إسرائيل.

تعتمد ورقة المعلومات هذه على عدة سنوات من متابعة النشاط في معبر كرم أبو سالم، على تحليل مسار نقل البضائع عبره، وعلى دراسة محدّثة حول الظروف في المعبر والرسوم التي يتم جبايتها فيه. نشرنا على مدار السنوات الماضية دراسات حول التقيدات المفروضة على الحركة والتنقل وتأثيرها على القطاعات الإنتاجيّة في قطاع غزة، كما نقوم بنشر تحديث حول هذه المواضيع بشكل متواصل. في ورقة المعلومات هذه، نحاول تقدير التكاليف النابعة من كون معبر كرم أبو سالم هو المعبر التجاري الوحيد الذي يربط غزة مع الضفة الغربية وإسرائيل، والصعوبات الناجمة من موقعه الجغرافيّ الإشكاليّ، الواقع في نقطة التماس الجنوبية القصوى بين غزة وإسرائيل، البعيدة عن المراكز الصناعيّة والتجاريّة. وبالإضافة إلى تناول البنى التحتية الناقصة في المعبر، تتناول هذه الورقة التكاليف الناجمة عن السياسة الإسرائيلية فيما يتعلق  بمراقبة عبور البضائع  والمصادقة عليها.

يشمل ملخص هذه الورقة اقتراحات عمليّة لتحسين الظروف، وعلى رأسها المطالبة فتح معابر تجاريّة إضافيّة. علاوة على ذلك، ثمّة ضرورة لإجراء تحسينات في المعبر نفسه، مثل غرف للتخزين والتبريد، ومناطق محميّة لتفريغ السلع الحسّاسة لتغيّرات الطقس. كما من الجدير تعديل الطريقة المعقّدة المستخدمة لنقل البضائع  داخل المعبر، والسماح بنقل الحاويات. على ضوء التجارب السباقة، نحذّر من اغلاق المعبر كإجراء عقابي.

جزء 1
خلفية
خلفية
معبر كرم أو سالم. تصوير: جمعية “چيشاه-مسلك”

بدأت إسرائيل بتشغيل معبر كرم أبو سالم لأول مرة في العام 2005,  لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة.  منذ شهر حزيران 2007، بدأت إسرائيل بعمليّة إغلاق (بالانجليزية) ثلاثة من بين أربعة معابر تجاريّة مع قطاع غزّة: في العام نفسه أغلقت إسرائيل معبر كارني شمال قطاع غزّة، والذي كان حتى تلك الفترة المعبر التجاريّ الرئيسيّ (حتى العام 2011 استمر تشغيل حزام نقل الحبوب والأعلاف)؛ وفي عام 2008 أغلقت إسرائيل معبر صوفا لنقل مواد البناء إلى قطاع غزة؛ وفي العام 2010 أغلقت معبر ناحال عوز لنقل الوقود وغاز الطهي. فقط معبر كرم أبو سالم ظل مفتوحًا، والذي لم يُخصص أصلًا كمعبر حصري لنقل البضائع  من والى القطاع.

منذ شباط 2018 يعمل معبر تجاري صغير، وفي اتجاه واحد فقط، بين مصر وقطاع غزة، معبر صلاح الدين. حيث تقوم شركة خاصة في قطاع غزّة وشركة خاصة في مصر بإدارة عمليّة نقل البضائع  هناك، تحت رقابة الجيش المصري وسلطة حماس في قطاع غزّة. عبر هذا المعبر يتم نقل السلع من مصر إلى قطاع غزّة فقط وبكميّات محدودة، ولا يوجد فيه بنى تحتيّة تأهله بأن يكون معبرًا تجاريًا بالكامل. فمعبر صلاح الدين لا يوفّر معظم الاحتياجات الضروريّة لسكان قطاع غزة، والذين يتعاملون بشكل أساسيّ مع إسرائيل ومع الشق الثاني من المناطق الفلسطينيّة، الضفة الغربيّة.

 

موجز تاريخ معابر البضائع
تشرين ثاني 2005
يبدأ معبر كرم أبو سالم بالعمل للمرة الأولى
حزيران 2007
أوقفت إسرائيل جميع الأنشطة في معبر كارني، باستثناء حزام نقل الحبوب والعلف
آذار 2008
إسرائيل تغلق معبر صوفا
2010
إسرائيل تغلق معبر ناحل عوز
آذار 2011
إسرائيل تغلق الحزام الناقل في معبر كارني
10.03.2020
فتح بوابة صلاح الدين على الحدود بين غزّة ومصر. تدخل عبره كميّات محدودة من البضائع من مصر إلى قطاع غزّة
جزء 2
حركة البضائع في المعبر
حركة البضائع في المعبر

دخول البضائع إلى قطاع غزّة

منذ تشديد الإغلاق الإسرائيليّ على قطاع غزّة عام 2007 وحتى أحداث أسطول الحريّة عام 2010، حظرت إسرائيل دخول  قائمة طويلة من السلع المدنيّة إلى القطاع، ومن ضمنها مواد البناء، مواد خام للصناعة والبنى التحتيّة، وكذلك الكزبرة وورق التواليت وألعاب الأطفال والشوكولاتة. في الواقع، كانت هناك قائمة لم يتم نشرها بشكل رسميّ، تتضمن المواد المسموح دخولها  إلى قطاع غزّة – فيما كانت بقيّة  السلع محظورة. في أعقاب الانتقادات العلنيّة لهذه السياسة، أصدر المجلس الوزاري الإسرائيليّ المصغّر للشؤون الأمنيّة السياسيّة في حزيران 2010، خطة من ست نقاط (بالانجليزية)، كان الغرض المعلن منها هو “تسهيل” دخول السلع المدنيّة إلى قطاع غزّة. منذ ذلك الحين تم تنفيذ أعمال توسيع وتطوير في معبر كرم أبو سالم، بحيث يمكنه اليوم أن يستوعب 1,000 شاحنة يوميًا (لا تشمل شاحنات الوقود).

لمشاهدة الرسم البياني بالحجم الكامل، اضغطوا هنا  

حاليًا تسمح إسرائيل لمعظم السلع بالدخول، ولكنها تقيّد للغاية، إلى حد الحظر، دخول المواد التي تعتبرها “مزدوجة الاستخدام“، أي المنتجات والمواد المدنيّة التي يمكن، في نظرها، استخدامها أيضًا لأغراض عسكريّة. تشمل هذه القائمة عناصر أساسية جدًا للصناعة، والبناء والاحتياجات المدنيّة الأخرى، كما أنها ضبابيّة ومتغيّرة ويتم تطبيقها بشكل ضبابي: رسميًا ليس هناك حظر على دخول تلك المواد، لكن لا يتم المصادقة على دخول معظمها.في تشرين أول 2014، في أعقاب العملية العسكريّة “الجرف الصامد”، أقيمت آلية إعادة إعمار غزة (GRM) المشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، تحت إشراف الأمم المتحدة.

تمنح  هذه الآليّة إسرائيل إمكانيّة مراقبة مفصّلة لاستخدام المواد التي تسمح بدخولها إلى قطاع غزة، وبالأساس المزيد من السيطرة داخل قطاع غزّة. بعد أكثر من خمس سنوات من إقامة تلك الآليّة، يوجد على موقع الآليّة رصد لأكثر من 15,000 سلعة، التي تعتبرها “مزدوجة الاستخدام”، والتي طلبت جهات مختلفة دخولها إلى غزّة، بما في ذلك معدات طبيّة، معدات اتصالات والواح خشب. النقص في هذه السلع يتسبب بإعاقة آفاق التنمية الاقتصاديّة لقطاع غزّة. عمليًّا، تتيح هذه الآليّة لإسرائيل سيطرة أوسع على النشاطات المدنيّة في القطاع. قائمة المواد “مزدوجة الاستخدام” بتزايد مستمر، والإعاقات والاضرار والنقص في المعدات والمواد الضرورية الناجمة عنها تلحق أضرارًا بدخول المساعدات الحيويّة وكذلك بالتطوير الاقتصاديّ. من بين القطاعات التي تضررت بشكل ملحوظ، هما قطاع الزراعة والصيد وذلك بسبب الصعوبات بدخول الأسمدة ومعدات ضروريّة للصيد. الإضرار بهذان القطاعان الحيويان، ينعكس أيضًا بنسب البطالة المرتفعة في قطاع غزة والتي تعتبر من الأعلى في العالم (بالانجليزية).

خروج البضائع من قطاع غزّة

في النصف الأول من العام 2007 تم بيع نحو %85 من البضائع الصادرة من قطاع غزّة في إسرائيل والضفة الغربيّة. مع سيطرة حماس في على قطاع غزّة في حزيران 2007، منعت إسرائيل كليًا تسويق البضائع من القطاع إلى الضفة وإسرائيل، وسمحت بتصدير محدود فقط للمنتجات الزراعيّة إلى أوروبا، وذلك في إطار مبادرة من حكومة هولندا لدعم غزّة. اغلاق الأسواق الطبيعيّة أمام بضائع غزّة، شكّل أحد العوامل الرئيسيّة للتدهور الاقتصاديّ في القطاع، وانهيار العديد من المصالح التجاريّة والبطالة المتفشية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تعميق الاعتماد على المساعدات الإنسانيّة.

لمشاهدة الرسم البياني بالحجم الكامل، اضغطوا هنا

منذ تشديد الإغلاق الإسرائيليّ على القطاع في حزيران 2007 وحتى تشرين أول 2014، خرجت  نحو 14 شاحنة بالمعدل الشهريّ من قطاع غزة إلى الخارج، معظمها محملة بالمنتجات الزراعيّة، وهو ما يشكل %1 فقط من معدل الشاحنات التجاريّة الصادرة من القطاع عشيّة الإغلاق. في 6 تشرين ثاني 2014، سمحت إسرائيل لأول مرة منذ الإغلاق على عودة التسويق المنتظم للبضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. في البداية سمح بتسويق المنتجات الزراعيّة فقط، ولاحقًا تم السماح بتسويق منتجات صناعات النسيج والأثاث. في عام 2019 خرجت من معبر كرم أبو سالم 262 شاحنة بضائع بالمعدل في الشهر. التقييدات التي لا تزال قائمة على تسويق منتجات من غزّة، بالأساس للضفة وإسرائيل، لا تزال تعيق النشاط الاقتصاديّ، وبالتالي تمنع حدوث تطور اقتصاديّ جوهريّ في القطاع.

جزء 3
البعد عن المراكز السكانيّة والمناطق الصناعيّة
البعد عن المراكز السكانيّة والمناطق الصناعيّة

حتى حزيران 2007، غالبيّة البضائع من وإلى قطاع غزة كانت تمر عبر معبر كارني، الواقع على بعد نحو 5 كيلومترات من مركز مدينة غزّة. المسافة الكبيرة بين معبر كرم أبو سالم  ومراكز التجارة والصناعة في قطاع غزّة، والموانئ البحريّة، ومصافي البترول والمراكز الصناعيّة في إسرائيل، وكذلك عن المعابر التجاريّة في الضفة الغربيّة، أدى إلى ارتفاع هائل في تكاليف نقل البضائع من وإلى قطاع غزّة. يبعد معبر كرم أبو سالم نحو 40 كيلومترًا عن مركز مدينة غزّة، وهي المنطقة ذات الكثافة السكانيّة الأعلى في قطاع غزّة، وتقع فيها معظم المصانع والمخازن التجاريّة. من المحادثات التي أجرتها جمعية “ﭼيشاه – مسلك” مؤخرًا مع أصحاب شركات النقل الخاصة في قطاع غزّة، يتضح أن نحو %60-65 من البضائع التي تدخل من معبر كرم أبو سالم تصل إلى مدينة غزّة. وفق تقديرات مركز التجارة الفلسطيني – بالتريد وجمعيّة أصحاب شركات النقل الخاصة في غزّة، فإن تكلفة نقل البضائع إلى غزّة عن طريق معبر كرم أبو سالم ارتفعت بأكثر من %50 من تكلفة النقل عن طريق معبر كارني.

لمشاهدة الصورة بالحجم الكامل، اضغطوا هنا

يقع معبر كرم أبو سالم في أقصى شارع 232، وهو عبارة عن شارع ضيق ومعطوب ذو مسلك واحد في كل اتجاه، تآكل تحت عجلات مئات الشاحنات التي تمر عليه يوميًا. الحركة البطيئة والبنى التحتيّة غير الملائمة جبت على مر السنين ثمنًا باهظًا في أجساد وأرواح سكان المنطقة. في شهر أيار 2016، وتحت ضغط سكان البلدات الإسرائيليّة المجاورة للسياج الفاصل مع غزّة، أعلن وزير المواصلات الإسرائيليّ عن تقييد حركة الشاحنات من الساعة السابعة وحتى التاسعة صباحًا ومن الساعة الثالثة وحتى الخامسة عصرًا. في 15 تشرين ثاني 2018 دخل القرار حيّز التنفيذ (بالعبرية)، ولكن بشكل مقلص أكثر. اليوم يتم تقييد حركة الشاحنات في الشوارع المؤدية إلى معبر كرم أبو سالم من الساعة 7:30 وحتى 9:00 صباحًا، ومن الساعة 15:30 وحتى 16:30 عصرًا.

“الحل” الذي تقترحه وزارة المواصلات الإسرائيليّة لا يشكل تهربًا من تنفيذ الأمور الضروريّة فحسب – ترميم الشارع وفتح معابر بضائع إضافيّة شمال قطاع غزّة – بل يخلق مخاوف بشأن مشاكل في تزويد السلع الطازجة لقطاع غزة، وصعوبات في التسويق الفعّال من غزة، وذلك علاوة على ارتفاع كبير بالتكاليف لجميع أصحاب الشأن، في الجانبين الإسرائيليّ والفلسطينيّ. فمؤخرًا تم الإعلان (بالعبرية) بأنه تم تجميد مخطط ترميم الشارع الذي طرح كجزء من قرار الحكومة (بالعبرية) لإعادة إعمار غلاف غزة. هنالك حلول أخرى لمشكلة ازدحام الشاحنات على شارع 232، والتي لا تمس بتزويد البضائع لمليونيّ نسمة في قطاع غزّة.

فتح معابر تجاريّة شمال قطاع غزة، وهو أقرب بكثير للمناطق الصناعية في قطاع غزة وإسرائيل، وللضفة الغربيّة وميناء أشدود، سوف يؤدي إلى خفض كبير بتكاليف النقل الباهظة عبر معبر كرم أبو سالم، ويزيد من نجاعة نقل البضائع من وإلى قطاع غزّة، وسيحد من ضغط الشاحنات على شارع 232. في العام 2016 أعلن (بالعبرية) وزير الأمن الإسرائيليّ في حينه عن مخطط لفتح معبر شمال قطاع غزّة، وقد بدأت إسرائيل بالبحث عن تمويل (بالانجليزية) لذلك، لكن في الواقع لم يحدث شيئًا.

جزء 4
مبنى المعبر، قدرته على استيعاب البضائع وطريقة نقلها
مبنى المعبر، قدرته على استيعاب البضائع وطريقة نقلها

يعمل المعبر أيام الأحد حتى الخميس، وأحيانً أيام الجمعة أيضًا (لنقل الوقود خاصة). يبدأ دخول الشاحنات إلى الجانب الإسرائيلي من الساعة السادسة صباحًا ولغاية الساعة 15:00. يستمر نقل البضائع إلى الجانب الفلسطيني حتى حلول الظلام. تم تخطيط المعبر، إقامته وتشغيله بطريقة تستطيع إسرائيل من خلالها ان تمنع عمدًا أي لقاء مباشر بين الشاحنات الإسرائيلية والشاحنات الفلسطينية.

يمتد المعبر على مساحة 600 دونمًا: 200 من الناحية الفلسطينيّة، و 400 من الناحية الإسرائيليّة. في الجانب الإسرائيليّ هنالك 11 حجرة، مساحة كل واحدة منها نحو عشرة دونمات. بعض الحجرات مخصص لأنواع معينة من السلع، مثل الحصى، بضائع على منصات متنقلة، ومواشي. بإمكان كل حجرة أن تستوعب في الوقت نفسه 17 حتى 25 شاحنة. الشاحنات التي تدخل الحجرات تفرغ البضائع بشكل فوريّ. لاحقًا تدخل إلى الحجرات رافعات شوكية وشاحنات (معقمة) خاصة تعمل داخل المعبر فقط، والتي تنقل البضائع إلى الجانب الفلسطينيّ. بعد أن تقوم الشاحنات المعقمة بتفريغ البضائع وتخرج من القسم، تدخل الشاحنات الفلسطينيّة، ويتم تحميل البضائع عليها وتباشر طريقها إلى أهدافها في قطاع غزّة. تستمر هذه العمليّة في المعبر بمعدل نحو 45 دقيقة.

في العام 2019 دخلت المعبر 415 شاحنة بضائع و-20 شاحنة وقود بالمعدل يوميًا.

رافعات شوكيّة في أحدى الحجرات في الجانب الإسرائيليّ من المعبر. تصوير: “چيشاه – مسلك”

اليوم يوجد في معبر كرم أبو سالم جهازا  فحص بالأشعة السينية للحاويات، تبرعت بهما حكومة هولندا. والهدف منهما هو مسح حاويات كاملة دون الحاجة إلى تفريغ حمولتها. رغم ذلك، لم يتم استخدام هذه الطريقة بالمرة، حيث يتم تفريع الحمولة حتى لو تم إجراء مسح للشاحنة. قرار إجراء مسح أشعة للشاحنات يتم وفق اعتبارات الموظفين الإسرائيليين في المعبر. نحو %15 من الشاحنات الداخلة من إسرائيل إلى قطاع غزّة تخضع للمسح، ويتم فحص جميع البضائع الخارجة من قطاع غزّة بواسطة الجهاز، هذا بالإضافة إلى فحوصات أخرى.

لا توجد في المعبر خزانات لتخزين الوقود، لذلك يتطلب نقل الوقود تواجد شاحنة إسرائيليّة وأخرى فلسطينيّة في الوقت نفسه، الأمر الذي يبطء الإجراءات ويهدر الوقت الكثير من أجل التنسيق. بالإضافة، عمليّة نقل الوقود من شاحنة إلى أخرى لا يسمح بإجراء قياس دقيق لكمية الوقود التي يتم نقلها. ويفيد التجار الفلسطينيين عن آلاف اللترات المفقودة، والتي تتراكم على شكل خسائر تبلغ مئات آلاف الشواقل التي يضطرون إلى تحملها كل شهر.

نقل البضائع في معبر كرم أبو سالم يتم في منطقة مفتوحة، مكشوفة تحت السماء. لذلك تتعرض البضائع لأضرار الطبيعة - الشمس والمطر والبرد والحر. في العام 2019 شكلت المنتجات الزراعية %84 من صادرات البضائع إلى الضفة الغربيّة والخارج وإسرائيل. تعرض المنتجات الزراعيّة لهذه الظروف يمكن أن يتسبب في فقدان جودتها وبالتالي قيمتها. على سبيل المثال، كثيرًا ما تتعرض شحنات التوت الأرضيّ في أشهر الشتاء إلى أشعة الشمس المتواصلة أو للبرد، الأمطار والغبار. أيضًا البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة تتضرر خلال عملية النقل وكثيرًا ما تكون جودتها لدى الوصول إلى أسواق غزة أقل مما كانت عليه عند المغادرة.

تصوير: “ﭼيشاه – مسلك”

  1. منذ عدة سنوات تجري نقاشات حول بناء مناطق مظلّلة على جانبي المعبر. رغم أنه، بطبيعة الحال، ينبغي على إسرائيل التي تدير المعبر الاهتمام ببناء العرائش، فإن الشهور والسنوات تمضي، ورغم تعهد إسرائيل (بالعبريةببناء العرائش في المعبر حتى نهاية اذار 2018، لم يتم حتى الآن بناء عرائش في الجانب الفلسطيني لحماية المنتجات الزراعيّة من أضرار الطقس.
جزء 5
مشغلوا المعبر في الجانب الإسرائيليّ وفي الجانب الفلسطينيّ
مشغلوا المعبر في الجانب الإسرائيليّ وفي الجانب الفلسطينيّ

في الجانب الإسرائيليّ للمعبر هناك أربعة موظفين تابعين لسلطة المعابر من قبل وزارة الأمن الإسرائيليّة، و 60 عاملًا أخرين أجيرين من تابعين لشركة أمنية إسرائيليّة خاصة “شيلغ لڤان” (ثلج أبيض) (بالعبرية). وكيل من قبل سلطة المعابر في وزارة الأمن الإسرائيليّة يقوم بعمليات النقل داخل المعبر، هي شركة ن. جان (بالعبرية).

يُدار الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم من قبل شركة نقليات جندتها شركة ن. جان، أبناء سعدي شحيبر، وهي المسؤولة عن نقل البضائع، باستثناء الحصى والوقود. شركة جورج عقل هي المسؤولة عن نقل الحصى. أما المسؤول عن نقل الوقود في الجانب الفلسطيني فهم موظفو سلطة الوقود التابعة للسلطة الفلسطينيّة. وفي المجمل يعمل في المعبر بضع مئات من العمال الإسرائيليين والفلسطينيين.

جزء 6
رسوم وضرائب
رسوم وضرائب

بخلاف معابر البضائع في الضفة الغربيّة، حيث لا يتم جباية أي رسوم وضرائب، تعمل وزارة الأمن الإسرائيلية على جباية مبلغ بين 250  وحتى 700 شيقل عن كل شاحنة إسرائيلية تدخل المعبر. ردًا على طلب بموجب قانون حريّة المعلومات تقدمت به جمعيّة “چيشاه – مسلك” ، أفادت وزارة الأمن (بالعبرية) الإسرائيليّة أنه خلال العام 2018 تم جباية مبلغ 55 مليون شاقل رسوم دخول للشاحنات لمعبر كرم أبو سالم. وفي العام 2017 تم جباية مبلع 75 مليون شيقل، وفي عام 2016  مبلغ 82 مليون شيقل.

معلومات من الموقع الالكتروني لهيئة المعابر https://www.payments.mod.gov.il/pages/payment/ramim.asp

بالإضافة إلى ذلك، يدفع التجار الفلسطينيون 20 شيقلا مقابل رسوم دخول الشاحنة إلى الجانب الفلسطينيّ من المعبر و 500 شيقل رسوم الشحن والتفريغ للشركة التي تدير المعبر. بعض الشاحنات، التي تنقل غاز الطهي والحبوب والفواكه والملابس المستعملة، تدفع أيضًا 10 شيقل مقابل استخدام الميزان. إن الطريقة المعقدة التي حددتها إسرائيل لنقل البضائع من الجانب الإسرائيليّ إلى الجانب الفلسطينيّ، بما في ذلك التفريغ والتحميل، ثم التفريغ والتحميل مرة أخرى، هي السبب الرئيسي وراء للتكاليف الباهظة. هذه الطريقة فريدة من نوعها لمعبر كرم أبو سالم. وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، دخلت قطاع غزة في عام 2019 عن طريق معبر كرم أبو سالم 95,789 شاحنة بضائع و 6,102 شاحنة وقود؛ وخرجت منه 3,145 شاحنة. ودفع الفلسطينيّون عام 2019 أكثر من 50 مليوم شيقل رسوم تفريغ وشحن البضائع.

بالإضافة إلى تلك التكاليف، هناك أيضًا ضرائب مفروضة على الجانب الفلسطيني من المعبر المعروفة باسم رسوم التعلية الجمركيّة. حيث يقدّر ممثلو وزارة الاقتصاد في غزة قيمة البضائع الواردة، ومقارنتها بالمبلغ اللوارد في الفاتورة، وبناء عليه يفرضون ضريبة على الفجوة بين المبلغين. بالإضافة إلى ذلك، كسياسة وقائية (الحماية)، تفرض الحكومة في غزة “ضريبة تضامن” على نحو 100 منتج. تتراوح هذه الضريبة بين 50 شيقل إلى 200 شيقل للطن.

صعوبات أخرى في المعبر

لا توجد في معبر كرم أبو سالم آلية لنقل الفواتير والمستندات من الجانب الإسرائيليّ إلى الفلسطينيين. وفق الطريقة المتبعة حاليًا، يقوم السائقون بالصاق الفواتير والمستندات الأخرى على البضائع التي يتم شحنها وتفريغها في مناطق مختلفة في المعبر. وفي الواقع يتم فقدان العديد من المستندات وهي لا تصل إلى غايتها. كذلك لا توجد متابعة رسمية للوثائق التي يتم نقلها وما إذا كانت قد وصلت إلى هدفها.

تقييد إسرائيل ارتفاع البضائع الصادرة إلى 1.60 متر، بما في ذلك ارتفاع منصة النقل نفسها. حتى شهر شباط 2016، كان الارتفاع المسموح به هو حتى1.30 متر. يحد تقييد ارتفاع البضائع من كمية البضائع التي يمكن تحميلها على شاحنة واحدة، مما يزيد بشكل كبير من تكلفة النقل.

تصوير: “ﭼيشاه – مسلك”


 
انعدام التظليل في المعبر يشكل عبئًا آخر على التجار. حيث يتطلب من التجار الفلسطينيين شراء غطاء لجزء من البضائع التي يتم  تصديرها. يفيد تجار من غزة بأن غطاء البضائع يكلف نحو 100 دولار للشاحنة. كما لا يوجد في معبر كرم أبو سالم وحدات تخزين. وكثيرًا ما يحدث ولأسباب مختلفة أن لا يسمح الجانب الإسرائيليّ للشاحنات من تفريغ حمولتها. في مثل هذه الحالات يضطر التاجر من غزة لاستئجار مكان للتخزين في إسرائيل على حسابه الخاص إلى حين الحصول على الموافقة، ومن ثم دفع تكاليف النقل إلى المعبر ثانية.

تصوير: “ﭼيشاه – مسلك”
جزء 7
الإغلاقات المتكررة كخطوة عقابيّة
الإغلاقات المتكررة كخطوة عقابيّة

في عام 2018 أغلقت إسرائيل، أو قيّدت، نشاط المعبر لمدة 32 يومًا كإجراء عقابيّ (بالإضافة إلى إغلاق المعبر في الأعياد والمناسبات الإسرائيليّة)، وفي عام 2019 لمدة 14 يومًا. أحيانًا يتم تبرير التقييدات بأنها تأتي ردًا على إطلاق النار العشوائيّ من غزة على التجمعات السكانيّة في إسرائيل، وهو بحد ذاته أمر مرفوض وغير قانونيّ، لكنه غير متعلق بعمل المعبر. إغلاق المعبر لفترات طويلة يمنع دخول الإمدادات الضروريّة والوقود. كل إغلاق لمعبر كرم أبو سالم يتسبب بأضرار اقتصاديّة جسيمة للصناعات وأصحاب الأعمال والتجار والمصانع التي تكافح في ظل اقتصاد يرزح تحت وطأة تقييدات الإغلاق الإسرائيليّ.

إغلاق المعبر الرئيسيّ للبضائع، شريان الحياة شبه الحصريّ لمليوني إنسان، نصفهم من الأطفال، هو عملية عقاب جماعيّ، غير قانونيّ وغير أخلاقيّ. عمليات الإغلاق المتكررة للمعبر، بما في ذلك منع دخول الوقود والسولار، لا يخدم الاحتياجات الأمنية الإسرائيليّة. الغرض من الإغلاق هو إيذاء السكان المدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف مرفوضة.

جزء 8
نتائج وتوصيات
نتائج وتوصيات
بضائع معرضه لأشعة الشمس والمطر. تصوير: “چيشاه – مسلك”

الرسوم الخاصة للمعبر، طريقة التفتيش في معبر كرم أبو سالم، والتكاليف الباهظة الناجمة عن الموقع الجغرافيّ للمعبر والبنية التحتيّة المحدودة في المعبر نفسه، تقف عائقًا بين الاقتصاد في قطاع غزة وآفاق التنمية والازدهار. الأمر الضروري للاقتصاد بشكل فوري هو إلغاء الإغلاق الإسرائيليّ عن القطاع وفتح إمكانيّة التداول التجاريّ بدون قيود، باستثناء الفحوصات الأمنيّة الفرديّة. إلى أن يتم الإلغاء الكامل للإغلاق، بامكان التوصيات التالية تحسين الظروف:

• فتح معابر تجاريّة إضافيّة في شمال قطاع غزّة.
• ضمان العمل المتواصل لمعبر كرم أبو سالم، والامتناع عن اغلاقه كإجراء عقابيّ.
• إلغاء القائمة الخاصة للمواد المعرّفة بأنها “مزدوجة الاستخدام”.
• الحد من الرسوم والضرائب الخاصة في كرم أبو سالم.
• إنشاء خزانات للوقود في منطقة معبر كرم أبو سالم.
• بناء مناطق مغطاة في الجانب الفلسطيني من المعبر لحماية البضائع من أضرار الطقس (أنظر الإطار الخاص).

• بناء حجرات تبريد وتخزين في المعبر للبضائع التي تتطلب الفحص مجددًا، بدل إعادتها للوكيل أو تخزينها بتكلفة باهظة.
• تركيب أجسام إضاءة داخل أقسام المعبر بما يتيح تشغيله في الظلام.
• إنشاء آلية لنقل الفواتير والوثائق.
• إلغاء التقييدات على أنواع البضائع ومواعيد النقل.
• السماح بنقل الحاويات في المعبر.

تسيطر إسرائيل على العديد من جوانب الحياة في قطاع غزة، بما في ذلك المسارات التجاريّة. هذه السيطرة الملحوظة تولّد المسؤولية تجاه سكان قطاع غزّة. يقع على إسرائيل واجب العمل من أجل تعزيز الحياة السويّة في قطاع غزّة، واحترام حق السكان بالحياة الكريمة وكسب لقمة العيش.