غزّة: نظرة من الداخل

معدل البطالة يرتفع بشكل هائل؛ نقص خطير في الكهرباء والمياه النظيفة؛ مجتمع شاب، متعلم ومليء بالقدرات، وسياسة إسرائيلية تمنع التنقل والحركة، تنتهك الحقوق الأساسية وتعيق تطوير الاقتصاد. الدليل الشامل للإغلاق على غزة

التالى

غزة هي عبارة عن مساحة أرض ضيقة تقع بين إسرائيل ومصر والبحر الأبيض المتوسط​، تمتد على مساحة 365 كيلومترًا مربعًا. يعيش في غزة 2.2 مليون نسمة، نصفهم دون سن 19 عامًا، يعيشون في كثافة سكانية عالية جدًا نسبة لباقي العالم. امداد الكهرباء يصل لساعات معدودة فقط في اليوم، ومياه الشرب النظيفة ليست متاحة للكثير من السكان. يضطر ما يزيد عن 80% من سكان غزة (بالانچليزية) إلى الاستعانة بالمساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

منذ تنفيذ خطة فك الارتباط، أواخر صيف 2005، يفترض الكثير من الإسرائيليين أن إسرائيل قد نفضت يديها من قطاع غزة ولم يعد لديها أية صلة أو مسؤولية عن وضعها. بينما في الواقع، تمنع إسرائيل حتى يومنا هذا الوصول بحرً وجوًا إلى غزة وتسيطر على جميع المعابر البرية المؤدية إلى قطاع غزة، باستثناء معبر رفح وبوابة صلاح الدين، الخاضعين لسيطرة مصر.

تفرض إسرائيل حظراً شاملاً على حركة الأشخاص والبضائع، مما يؤدي، من بين أمور أخرى، لصدّ الفرص والتوظيف والعمل والتعليم، وكذلك إمكانيات لقاء أقربائهم الذين يعيشون في إسرائيل والضفة الغربية والخارج. الغالبية العظمى من سكان غزة لا يستوفون المعايير الضيقة التي حددتها إسرائيل للحصول تصريح تنقل وحركة.

تقيّد إسرائيل حتى دخول البضائع إلى غزة عبر أراضيها، وتطالب بمعرفة الغرض المقصود منها، ومن هم المعنيّون بها ومن هم المموّلون. إسرائيل هي من يقرر ما هي منتجات غزة التي يمكن أن تمر عبر معابرها إلى الأسواق الخارجية، متى تمرّ وما هي كميتها. كثيرًا ما تغلق إسرائيل المعابر إلى غزة ومنطقة الصيد مرارًا وتكرارًا كوسيلة عقاب وضغط على السكان. حتى خلال الحياة اليومية بين كل هجوم عسكري وآخر على القطاع، تمنع التقييدات الجارفة من الفلسطينيين التمتع بشروط الحياة الأساسية. هذا ليس فك ارتباط، بل سيطرة عن بعد.

قيود اسرائيلية على حركة الفلسطينيين من غزة: ملخص الفصول الأخيرة

مع احتلال هضبة الجولان والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة عام 1967، بدأت إسرائيل بتقييد حركة السكان الذين ظلوا تحت احتلالها بطرق مختلفة. في عام 1991، ألغت إسرائيل “التصريح العام” الذي كان ساريًا منذ سنوات الـ 70، والذي سمح بحرية تنقل نسبية للفلسطينيين والفلسطينيات بين المناطق المحتلة وإسرائيل – وبدأت بفرض تصاريح فردية للتنقل بين الضفة الغربية وغزة وإسرائيل وخارج البلاد. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، تدير إسرائيل نظام تصاريح يُخضع ملايين الناس لقرارات يتخذها الجيش والسلطات الإسرائيلية.

في 11 أيلول 2005 سحبت إسرائيل آخر جنودها من قطاع غزّة وأنهت اخلاء مستوطناتها. في العام 2007، وبعد سيطرة حماس على السلطة في القطاع، شددت اسرائيل تقييدات التنقل والحركة المفروضة على سكّان غزة لدرجة الإغلاق الشامل: تمّ تقليص دخول البضائع المسموح بها إلى ما تعرّفه إسرائيل على أنه “الحدّ الأدنى الإنساني”، ومنع خروج البضائع من القطاع لأغراض تّسويقية تمامًا؛ قلّصت كمية الوقود المعد للدخول لغزة، ومنعت حركة الأشخاص بين قطاع غزّة والضفّة الغربيّة وإسرائيل، والتي كانت أصلًا محدودة جدًا. وفي لأيلول 2007، أعلن المجلس الإسرائيلي الوزاري السياسيّ الأمنيّ المصغر (الكابينِت) عن غزّة “منطقةً معادية”.

على مر السنين طورت إسرائيل نهجًا اطلقت عليه اسم ”سياسة الفصل“، جوهر هذه السياسة هو محاولة عزل قطاع غزّة وفصله عن الضفّة الغربيّة وإسرائيل، وعرقلة إقامة العلاقات بين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم المختلفة في الأراضي المحتلة. لا تتشارك الضفة الغربية وغزة بالهوية القومية، واللغة، والثقافة، والعلاقات الاقتصادية والعائلية فحسب، بل وكان من المفترض أن تشكّل كلاهما الدولة الفلسطينيّة بحسب القرارات الدولية والاتفاقيات السياسية. ادعت جهات أمنيّة إسرائيلية في السابق أن سياسة الفصل هذه تهدف للضّغط على حماس ومساعدة السّلطة الفلسطينيّة، لكن في الواقع، لا تخدم هذه السّياسة أهدافًا أمنية بالضرورة، بل ديمغرافية-سياسية: تقليل عدد الفلسطينيين الذين يسكنون الضفة الغربية، إضعاف المؤسسات الفلسطينية التي يفترض أن تكون أساسًا لبناء دولة، والمضي قدمًا مع خطة ضم أراضي الضفة الغربية على حساب حقوق الإنسان. انتجت هذه السياسة فصل مفروض بين الاقتصاد الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، لا يستطيع الفلسطينيون في غزة من الدراسة في جامعات الضفّة الغربيّة، كما منع عبور الطّواقم الطّبيّة وعمال مؤسسات المجتمع المدني، والأكاديميّين والخبراء التقنيّين بين المنطقتين، حتى لو كان ذلك بهدف المشاركة في التدريبات والتأهيل المهنيّ. كما لا يستطيع أبناء العائلات المفرقة بين غزة والضفة لقاء بعضهم البعض إلاّ في حالات استثنائية وخاصة.

منذ مطلع آذار 2020 وغالبية العام 2021، استغلت إسرائيل الخشية من انتشار وباء كورونا لكي تشدّد الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة في الأيام الاعتيادية. فقد تم حظر التنقل عبر معبر إيرز وتجاهل حتى الاحتياجات الإنسانية العاجلة. وحتى بعد مرور فترة طويلة على رفع قيود الحركة داخل إسرائيل والتي تم فرضها لغرض الحد من انتشار الفيروس، استمرت إسرائيل في التضييق على حركة الناس من وإلى غزة، والتنصّل من مسؤوليتها لصحة سكان قطاع غزة.

علاوة على الأوضاع المعيشية المتردية في القطاع تُضاف أضرار تراكمية نتيجة للهجمات الإسرائيلية المتكررة، وكان آخرها في آب 2022 (بالانچليزية) وأيار 2023. لقد تسبب القصف الإسرائيلي منذ فرض الحصار بمقتل وجرح آلاف الفلسطينيين في غزة، وسط إلحاق أضرار جسيمة بحياة السكان وممتلكاتهم وصحتهم النفسية. وحتى يومنا هذا، ما زالت القيود الإسرائيلية تحول دون إعادة ترميم البنى التحتية المدنية الأساسية، ناهيك عن إمكانية تطويرها. إن سياسة إسرائيل فيما يتعلق بحركة الأشخاص والبضائع من غزة وإليها تواصل خنق اقتصاد القطاع وإخضاع الاقتصاد الفلسطيني برمّته لمصالح إسرائيلية ضيّقة.

تم إلغاء أو تغير بعض التقييدات منذ عام 2007، كما سنفصل لاحقًا، لكن الإغلاق على غزة لا يزال كما هو، هذا على الرغم من عدم تحقيقه لهدفه المعلن بحسب اسرائيل، “اسقاط حماس“، ولم يحد من إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. تدعي إسرائيل أن التقييدات على سكان غزة هي ضرورة أمنيّة، إلا أن الكثير منها لا يهدف إلى تلبية احتياجات أمنية ملموسة، ولا يمكن تبريرها على هذا النحو. أدت هذه التقييدات إلى تدهور الأوضاع في قطاع غّزة حتّى توقع خبراء الأمم المتّحدة أن القطاع لن يكون صالحًا للمسكن حتّى العام 2020، وهو ما حصل حتى قبل ذلك (بالانچليزية). إن الاغلاق على غزة، الذي اعترفت إسرائيل (بالانچليزية) سابقًا أنه أيضًا أداة لحرب اقتصادية، يشكل جزءًا من نظام أوسع بهدف السلب والتقسيم وجرائم الفصل العنصري (أبارتهايد) ضد الفلسطينيين.

يُرجى الضغط على الخارطة لتكبيرها

جزء 1
حركة وتنقل الأشخاص
حركة وتنقل الأشخاص
عمال ينتظرون بمعبر إيرز (بيت حانون). تصوير مجدي فتحي

معبر إيرز

اليوم، يتم استخدام معبرين فقط لتنقل الأشخاص من غزّة وإليها: معبر رفح على حدود القطاع مع مصر، ومعبر إيرز بين غزة وبين اسرائيل. حتى عندما يعمل معبر رفح، فإن معبر إيرز هو الوحيد الذي يربط غزة، وإسرائيل والضفة الغربية، فالحركة بين هذه الأماكن الثلاثة ضرورية ليس للاقتصاد الفلسطيني فحسب، بل للنسيج الاجتماعي، المجتمعي والعائلي الفلسطيني الذي يتقاسمه فلسطينيون في غزة، الضفة وإسرائيل.

يتوجّب على الفلسطينيين والفلسطينيات الراغبين بدخول غزة أو الخروج منها عبر معبر إيرز الحصول على تصريح من إسرائيل. من أجل التقدم بطلب للحصول على تصريح، على المتقدم/ة بالطلب استيفاء قائمة معايير ضيّقة ينشرها منسق اعمال الحكومة الاسرائيلية (المنسق) وهو الجسم المسؤول على تطبيق سياسات الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بسكان غزة.

حركة التنقل عبر معبر إيرز متاحة لقلّة فقط من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة ممّن يستوفون واحدة على الأقل من الفئات الثلاث التي حددتها إسرائيل: من يحملون تصريح تاجر أو تصريح عمل، مرضى يحتاجون إلى علاج طبي منقذة للحياة وغير متاح في قطاع غزة ومعهم مرافقوهم، والحالات التي تحددها إسرائيل على أنها “إنسانية استثنائية” – بما في ذلك زفاف أو جنازة أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى، أو لغرض زيارته إذا كان مريضًا على نحو بالغ. المعايير الضيّقة التي حددتها إسرائيل للحركة التي تحدد أصلًا من يحق له التقدم بطلب لتصريح، تتجاهل احتياجات النساء الخاصة وتميّز ضدهم وتزيد من انتهاك حقوقهن وامكانيات وصولهن لفرص العمل والحياة الأسرية.

يحدث كثيرا أن تحظر امكانية التنقل فعليًا حتى للقلائل الذين يستوفون المعايير. من ستوفون المعايير يتعرضون أيضًا للعنف البيروقراطي من جانب السلطات الإسرائيلية، وأحيانًا قد ينتظرون الرد لسنوات وإصدار التصاريح. تفرض إسرائيل “منعًا أمنيًا” على الكثيرين من يتقدمون لطلب تصريح، من دون أي تفسير – مثلً، على التجار القدامى ورجال الأعمال ممن خرجوا ودخلوا وتاجروا داخل إسرائيل على مدى عقدين من الزمن، أو على الطلاب المجبرين على الوصول لمقابلات في السفارات الأجنبية من أجل السفر لتعليمهم، أو الأهل الذين يودون مرافقة أطفالهم لعلاج منقذ للحياة خارج القطاع.

 

أوقات معالجة طلبات التصاريح طويلة وغير معقولة. وفقًا للإجراءات الرسمية (بالانچليزية) الإسرائيلية، يمكن أن تستغرق معالجة طلب للخروج من غزة لزيارة والد أو طفل مريض، على سبيل المثال، ما يصل إلى 25 يوم عمل، ويمكن أن يستغرق اتخاذ قرار بشأن طلب مريض لمغادرة القطاع لتلقي العلاج الطبي حتى 20 يوم عمل، وهذا بغض النظر عن موعد الدور المحدد للعلاج في المؤسسة الطبية التي يقصدها. وفي كثير من الحالات لا ترد السلطات (بالانچليزية) في إسرائيل على الطلبات في الإطار الزمني الذي حددته بنفسها، وتظل العديد من الطلبات دون تلقي رد على الإطلاق، مما يمنع مقدمي الطلبات عمليًا من إمكانيات الوصول لاحتياجاتهم الإنسانية الأساسية.

قبل اندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000، سجلّت حوالي نصف مليون حالة خروج شهريًا من غزة لفلسطينيين كانوا يغادرون القطاع يوميًا عبر معبر إيرز للعمل في إسرائيل. مع بداية الانتفاضة الثانية، قلّصت إسرائيل إلى حد كبير عدد تصاريح العمال من غزة وأغلقت معبر إيرز بشكل متكرر وأحيانًا لفترة متواصلة، حتى خلال السنوات التالية أيضًا. ابتداءً من آذار 2006، حظرت إسرائيل فعليًا دخول عمال من غزة إلى نطاقها حتى نهاية عام 2014، إذ عادت للسماح بشكل غير رسمي بخروج بضع مئات من العمال من غزة بموجب حصة محدودة تحت ما يسمى “تصاريح التجار”.

في أواخر العام 2021، أي بعد أشهر قليلة من انتهاء القتال في أيار 2021 وبموازاة الرفع التدريجي لـ “إغلاق كورونا“، أضافت السلطات الإسرائيلية معيارًا جديدًا (بالعبرية) للخروج من غزة سمته تصريح “احتياجات اقتصادية“، وبدأت تتعاطى بشكل علني مع حقيقة أن معظم حاملي هذه التصاريح يغادرون القطاع للعمل في إسرائيل كعمال. فبلغ متوسط ​​الخارجين شهريًا في عام 2022 من غزة إلى إسرائيل 34,610 شخصًا، تقريبًا 90% منهم هم عمال وتجار. صحيح أن عدد الأشخاص الذين يخرجون من غزة عبر معبر إيرز لأغراض كسب الرزق هو بالفعل أعلى بكثير مما كان عليه في العقد الأول من الإغلاق، لكنه ما زال أقل مما كان عليه في الماضي، وبعيدًا عن تلبية الحاجة.

بالإضافة إلى القيود الجارفة التي تفرضها إسرائيل في الفترات الاعتيادية على حركة الفلسطينيين، فإنها تقوم في كثير من الأحيان بإغلاق المعبر كإجراء عقابي. بالإضافة إلى الإغلاقات التي تفرضها في أيام الأعياد أو في أيام الانتخابات الإسرائيلية. فقد تم على سبيل المثال خلال الأيام التي سبقت الهجوم المدمر في آب 2022 (بالانچليزية)، وفي الأيام التالية، حظر حركة المرور في المعبر تمامًا؛ بالإضافة إلى ذلك، خلال هجوم أيار 2023، أغلقت إسرائيل المعابر بشكل كامل طوال أيام القتال الخمسة.

معبر رفح

يقع معبر رفح على الحدود بين قطاع غزة ومصر. منذ العام 2007 وحتى العام 2012 لم يعمل المعبر بشكل منتظم، ومنذ النصف الثاني من عام 2012 وحتى منتصف العام 2013، عمل المعبر بشكل منتظم، حيث تم تسجيل حوالي 40 ألف حالة دخول وخروج من قطاع غزة عبره شهريًا. بين تموز 2013 حتى منتصف 2018 كان المعبر مغلقًا معظم الوقت بقرار من السلطات المصرية. في أيار 2018 ،(بالانچليزية) ومع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة وبداية “مسيرات العودة”، بدأت مصر بفتح المعبر بشكل أكثر انتظامًا. نظراً للوضع الاقتصادي الصعب، استغل شباب كثيرون فتح المعبر المنتظم من أجل البحث عن مستقبل خارج القطاع، واحيانًا دفعوا حياتهم ثمنًا لذلك.

في آذار 2020 أغلقت مصر المعبر على خلفية الخطر من انتشار فيروس كورونا، وسمحت لعدد قليل من سكان غزة بالعودة إليها من مصر من حين إلى آخر فقط. في شباط 2021 أعلنت مصر عن فتح المعبر مجددًا “حتى إشعار آخر”، وهو يعمل منذ ذلك الحين خمسة أيام في الأسبوع. في العام 2021، كان متوسط ​​عدد الذين مرّوا عبره 15,077 رجل وامرأة في الشهر، وفي العام 2022 وصل معدل حالات العبور ​​الشهرية إلى 23,222 حالة دخول وخروج من القطاع.

حتى عندما يتم فتح معبر رفح بشكل منتظم، يسمح بالخروج عن طريقه من يستوفون المعايير التي تحددها مصر: سكّان غزّة أصحاب جوازات مصريّة أو أجنبيّة، مرضى بحوزتهم توجيهًا رسميّا للعلاج الطبيّ، طلّاب أو مواطنين بحوزتهم تأشيرة دخول إلى دولة ثالثة بحكم عملهم أو بسبب وجود عائلتهم هناك. الكثيرون ممن يريدون السفر من سكان غزة لا يستوفون هذه المعايير. بالنسبة للمقتدرين ماليًا، هناك إمكانية للحصول على تصريح خروج من خلال تنسيق “خاص”، لكن الكثير من السكان لا يستطيعون تحمل التكاليف المترتبة على ذلك. فترة الانتظار للحصول على تصريح للعبور عن طريق رفح طويلة، والسفر عن طريق سيناء معقّد وخطير في العديد من الأحيان.

إمكانية التنقل عبر معبر رفح لا تشكل حلاً للأشخاص الذين يريدون التنقل بين غزة وإسرائيل أو الضفة الغربية. كما أن الدخول إلى الضفة الغربية، حتى بالنسبة للفلسطينيين القادمين من الأردن عبر جسر اللنبي، مشروط بالحصول على تصريح إسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، تمنع إسرائيل المغادرين عن طريق معبر رفح من العودة للقطاع عن طريق معبر إيرز، أو العكس، وهو ما يضع العديد من السكان أمام خيار صعب: إذا غادروا عبر رفح وتم أغلاق المعبر لسبب ما، فقد يُمنعون من العودة إلى القطاع.

500,000
حالات الخروج عبر ايرز (المعدل الشهري 2000)
حتى اندلاع الانتفاضة الثانية، كان عشرات الآلاف من الفلسطينيين يعبرون من خلال معبر إيرز يوميًا
حوالي 5,000
حالات الخروج عبر ايرز (المعدل الشهري 2020)
انخفض عدد المغادرين عبر معبر إيرز بنسبة 96٪ بعد فرض "إغلاق كورونا" في آذار 2020 مقارنة بشباط - كانون الثاني من نفس العام
1,438
حالات الخروج عبر ايرز ( المعدل الشهري للنصف الأول من 2021)
في النصف الأول من عام 2021، حددت اسرائيل خروج الاشخاص عبر معبر إيرز للمرضى الذين يحتاجون علاج منقذ للحياة وعدد قليل من الحالات الأخرى
حوالي 40,000
حالات دخول وخروج عبر رفح
المعدل الشهري خلال النصف الأول من عام 2013
4,245
حالات دخول وخروج عبر رفح ( معدل شهري 2020)
في السنة الأولى من وباء كورونا، سمحت مصر بحركة قليلة جدًا بينها وبين غزة
حوالي 11,000
حالات دخول وخروج عبر رفح (المعدل الشهري للنصف الأول من 2020)
الخروج من غزة عبر معبر رفح مسموح فقط لأولئك الذين يستوفون المعايير التي حددتها مصر
جزء 2
حركة البضائع
حركة البضائع

كرم أبو سالم

في السنوات الأولى بعد تشديد الإغلاق على قطاع غزة (2007-2010) أغلقت إسرائيل ثلاثة معابر بضائع إلى غزة كانت تفعّلها حتى ذلك الحين: معبر المنطار (كارني)، معبر العودة (صوفا) ومعبر ناحل عوز. منذ أكثر من عشر سنوات يشكّل معبر كرم أبو سالم معبر البضائع الرئيسي لقطاع غزة، والمعبر الوحيد مع إسرائيل. هذا المعبر الذي تم تفعيله لأول مرة في العام 2005 بهدف إدخال المساعدات الإنسانية، يشكّل حتى اليوم شريان حياة مركزي وحيوي لسكان قطاع غزة.

منذ تشديد الإغلاق على قطاع غزة بين الأعوام 2007 و- 2010، فترة أحداث أسطول الحرية “مافي مرمرة”، منعت إسرائيل دخول قائمة طويلة من البضائع المدنيّة إلى القطاع، من بينها منتجات أساسية مثل الكزبرة، ورق المرحاض، ألعاب وشوكولاتة. عمليًا، احتوت القائمة التي لم تُنشر رسميًا أبدًا فقط على البضائع التي سُمِح بدخولها إلى غزّة – بينما مُنعت كلّ البضائع الأخرى. في العام 2012، وبعد نضال قانوني مطول قامت به “چيشاه – مسلك”، كشفت وزارة الأمن عن ملف “استهلاك الغذاء في القطاع – الخطوط الحمراء” والذي يتضمن معلومات عن سياسة تقييد دخول المواد الغذائية إلى قطاع غزة بين الأعوام 2007 و- 2010. خلال هذه الفترة قلّصت إسرائيل على نحو مقصود دخول مواد غذائية كثيرة إلى القطاع، وبالتالي سرّعت وعمّقت من الأزمة الاقتصادية الفادحة التي سببها الإغلاق.

لم تعد إسرائيل تفرض اليوم قيودًا على استيراد المنتجات الغذائية إلى قطاع غزة، لكنها تواصل تقييد دخول المواد التي تعتبرها “مزدوجة الاستخدام“، أو منع دخولها مطلقًا، وهي مواد خام أو معدات تستَخدَم لأغراض مدنية، ومن الممكن أن تستَخدم، من وجهة نظر إسرائيل، لأغراض عسكرية. قائمة الأغراض والمواد التي تعرفها إسرائيل انها مزدوجة الاستخدام أوسع من المعايير الدوليّة. يُدرج هذه القائمة طويلة وضبابيّة، وتتضمّن فئات واسعة مثل “المعدات الطبية“، “وسائل الاتصالات“ (بالانچليزية)، بالإضافة إلى السلع الاساسية الضرورية للصناعة، لمجال تكنولوجيا المعلومات، وقطاعي الزراعة والصيد كما للاحتياجات اليومية الأساسية. تعيق التقييدات المفروضة على دخول هذه المواد، إلى جانب المماطلة في الرد على طلبات الموافقة على دخولها للقطاع، تطور القطاع الاقتصادي والجهود المستمرة لتطوير البنية التحتية المدنية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

غزّة: التسلسل الزمني للإغلاق
1947 - 2021 حرّكوا المسطرة يسارا لمشاهدة نظرة تاريخيّة عامّة
29.11.1947
إقرار خطة التّقسيم الصّادرة عن الأمم المتّحدة. قطاع غزّة يندرج ضمن حدود الدّولة الفلسطينيّة
15.04.1948
الإعلان عن إقامة دولة إسرائيل ونشوب حرب 1948. خلال الحرب، الكثير من اللاجئين الفلسطينيّين من مناطق المركز والجنوب يتجمّعون في غزّة
24.02.1949
توقيع اتفاقية الهدنة مع مصر، وهي الاتفاقيّة التي تركت القطاع تحت الحكم العسكريّ المصريّ
05.06.1967
إسرائيل تحتلّ غزّة خلال حرب الأيّام الستة
01.01.1972
"تصريح الخروج العامّ" يتيح للفلسطينيّين من كلٍّ من غزّة والضفّة الدخول إلى للمناطق الإسرائيليّة والعمل فيها خلال النهار
09.12.1987
اندلاع الانتفاضة الأولى بداية في غزّة، ومن ثم امتدادها إلى الضفّة الغربيّة. سيتفشى العنف خلال السّنوات اللاّحقة وتتصاعد وتيرته
10.02.1991
إلغاء "تصريح الخروج العامّ"، وتحوّل التقييدات المفروضة على تنقل سكّان القطاع إلى تقييدات مشدّدة جدّاً
01.04.1994
توقيع اتفاقيّة القاهرة القاضية بنقل مناطق غزّة وأريحا إلى السّيطرة الفلسطينيّة
01.01.1995
إسرائيل تبني جدارًا حول غزّة
25.10.1999
فتح المعبر الآمن بين قطاع غزّة والضفّة الغربيّة
27.09.2000
اندلاع الانتفاضة الثّانية. تمّ إغلاق المعبر الآمن. فرض تقييدات مشددةٍ على الحركة والتنقل في معبر إيرز. إسرائيل تغلق مطار غزّة. منع الطلبة الجامعيون من غزة من الدراسة في الضفّة الغربيّة
11.09.2005
استكمال خطة "فك الارتباط" وخروج الجيش الإسرائيليّ من أراضي القطاع بعد 38 عاماً. فرض تقييدات على التجارة مع غزّة
15.11.2005
توقيع اتفاقيّة المعابر. تمنح الاتفاقيّة إسرائيل صلاحيّات واسعةً في مسألة تنقّل الأشخاص من غزّة وإليها
25.01.2006
حركة حماس تفوز بالأغلبيّة في انتخابات البرلمان الفلسطينيّ التي أجريت في كلَّ من غزّة والضفّة الغربيّة. بعد ذلك بثلاثة شهور، إسرائيل تحظر على العمّال من غزة الدّخول إلى أراضيها وتقتصر المرور عبر معبر إيرز على الحالات الإنسانيّة الاستثنائيّة
26.06.2006
الجنديّ چلعاد شاليط يؤسر على يد منظّمات فلسطينيّة ويتمّ احتجازه في غزّة. بعد يومين من ذلك التاريخ تبدأ عملية "أمطار الصّيف" العسكريّة، حيث يتمّ تنفيذ الاجتياح البرّي العسكري الأول تجاه غزّة بعد "فك الارتباط". وقد تمّ خلال العملية العسكرية قصف محطة توليد الطّاقة في قطاع غزّة
19.09.2007
إسرائيل تعلن عن غزّة باعتبارها "كيانا معاديا" في أعقاب سيطرة حماس على القطاع، كما وتفرض إسرائيل عليه الإغلاق. إسرائيل تتبنى معادلات حسابية لتحديد المستوى الأدنى من الغذاء المطلوب دخوله إلى غزّة من أجل تلافي وقوع أزمة إنسانيّة، وتقوم لفترة معينة بتقليص كميّة الوقود والكهرباء المباعين لغزة، كما وتقوم بتقليص مساحات الصيد لمسافة ثلاثة أميال بحريّة من شواطئ القطاع
27.12.2008
عملية "الرصاص المصبوب" العسكرية. قصف محطة توليد الطّاقة مجددًا. إلحاق أضرار جسيمة بالمساكن والمباني الحكوميّة وبالبنى التحتيّة الخاصة بالكهرباء، الصرف الصحي والماء، بالإضافة إلى مقتل المئات
01.01.2009
إسرائيل تنشر إجراء إداري يحظر على الفلسطينيّين سكان غزة الانتقال إلى الضفّة الغربيّة لغرض لم الشمل
31.05.2010
سيطرة سلاح البحريّة الإسرائيلي على السفينة التركيّة مافي مرمرة تنتهي بمقتل تسعة من ناشطي الأسطول. ضغط دولي وتحقيقات في أعقاب الحادثة. إسرائيل تلغي أغلب التقييدات المفروضة على دخول المنتجات المدنيّة إلى القطاع، باستثناء الأغراض "ثنائيّة الاستخدام"، وتسمح بدخول مواد البناء للمؤسسات الدولية فحسب. بدء عمليات تصدير محدودة من غزّة إلى دول الخارج
10.07.2011
سلاح الجو الإسرائيلي يقوم بقصف نفقٍ في غزّة. على امتداد العام تتصاعد عمليات التهريب عبر الأنفاق بين سيناء وغزة بشكل مكثّف. اتّساع نطاق النّشاط في معبر رفح بشكلٍ كبيرٍ وفتحه لمعظم الوقت من أجل إتاحة مرور سكّان غزّة إلى مصر في أعقاب صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر
14.11.2012
عمليّة "عامود السحاب" العسكريّة. حيث تقوم إسرائيل في أعقاب العمليّة بتوسعة مساحة الصيد إلى ستة أميال بحريّة وتعلن عن نيتها السماح بدخول المزارعين إلى الأراضي التي تبعد حتى مئة عن من الحدود
13.10.2013
اكتشاف نفق إلى جانب كيبوتس عين هشلوشاه وضع حدًّا لفترةٍ قصيرةٍ سمحت فيها إسرائيل بدخول موادّ بناء لصالح القطاع الخاص، وقد جرى حظر دخول هذه المواد بشكلٍ تامّ. ارتفاعٌ حادٌّ في مستويات البطالة. خلال العام نفسه قامت مصر بتدمير معظم الأنفاق من سيناء وإغلاق معبر رفح لأوقات متقاربة
08.07.2014
عملية "الجرف الصامد" العسكريّة، وهي العملية الأكثر دمويةً وتدميرًا من بين العمليات العسكرية في القطاع
26.08.2014
وقف إطلاق النار ينهي العملية العسكرية. إنشاء منظومة الـ GRM ودخول موادّ بناءٍ أكثر إلى غزّة. زيادةٌ طفيفةٌ في إصدار تصاريح الزّيارات العائليّة في الضفّة. في شهر تشرين ثاني يجري إلغاء الحظر المفروض على تسويق البضائع من غزة في الضفّة الغربيّة
01.03.2015
إسرائيل تسمح بتسويق محدود للمنتجات الزراعيّة الآتية من قطاع غزّة في أراضيها لليهود الملتزمين بالسنة السبتية. تم فتح معبر رفح على مدار 32 يوما فقط، غير متواصلة، طيلة العام بأسره
29.03.2016
إسرائيل تفرض حظرًا على دخول الإسمنت للقطاع الخاص في غزّة طيلة شهرين تقريبا. وخلال العام يتمّ إلغاء آلاف تصاريح التجّار لتجار من غزة وبذلك تم منعهم من الدخول إلى كل من إسرائيل والضفّة. تصاعد حالات المنع الأمني
أيّار 2018
منذ أيّار 2018 حتى حزيران 2020، أغلقت إسرائيل 13 مرة المعابر (8 مرات معبر ايرز و5 مرات معبر كرم أبو سالم) وأوقفت دخول البضائع الحيويّة كإجراء عقابيّ. إغلاق معبر كرم أبو سالم أدّى إلى أضرار اقتصاديّة جسيمة تكبّدتها الصناعات، أصحاب المصالح، والمصانع في غزّة، والتي ترزح أصلًا تحت تقييدات الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع
نيسان 2019
وسّعت إسرائيل المنطقة المسموحة للصيد امام جزء من شواطئ غزّة حتّى 15 ميلًا بحريًّا لأول مرة. المسافة الجديدة متاحة أمام شواطئ ضيّقة نسبيًا في جنوب القطاع. تواصل إسرائيل تقليص مساحة الصيد كإجراء عقابيّ جماعيّ. خلال عام 2019 قلصت إسرائيل مساحة الصيد تسع مرات، بأربعة منها تم فرض إغلاق بحري كامل. في الشهرين الاولين من عام 2020 (كانون ثاني وشباط) تم تغير منطقة الصيد 6 مرات، ومنع أي خروج الى البحر لمدة يومين
اذار 2020
أزمة كورونا. في خطوة تم تأطيرها كتصدي لانتشار فيروس كورونا، أوقفت إسرائيل الحركة عبر معبر إيرز باستثناء المرضى الذين غادروا لتلقي العلاج العاجل وعدد قليل من الحالات الأخرى. استمر هذا الوضع دون تغيير تقريبًا حتى صيف عام 2021.
أيار 2021
أغلقت إسرائيل معبر إيرز وكرم أبو سالم بشكل كامل خلال 11 يومًا من عدوان واسع النطاق على القطاع، ومنعت تمامًا حركة الأشخاص والبضائع من وإلى القطاع، بما في ذلك المساعدات الطبية والوقود إلى محطة الكهرباء. واستمرت في تقييد حركة المرور بشدة عبر المعابر حتى بعد شهور من التوصل إلى وقف إطلاق نار
آب 2022، أيار 2023
تضاف لظروف الحياة الصعبة في القطاع أضرار الهجوم الإسرائيلي المتكرر، الأخير بهم كان في أيار 2023. القصف الإسرائيلي منذ فرض الاغلاق قتل وجرح الاف الفلسطينيين في غزة

في الماضي كان دخول مواد البناء الأساسية إلى غزة، مثل الأسمنت والحديد، ومعظم المواد التي تعرفها إسرائيل على أنها “مزدوجة الاستخدام”، يتم حصريًا كجزء من آلية تنسيق تسمى آلية إعادة إعمار غزة (Gaza Reconstruction Mechanism – GRM). أقيمت هذه الآلية بناءً على طلب إسرائيل بعد الحرب عام 2014، والتي أطلقت عليها إسرائيل اسم “تسوك إيتان”، وتعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وتحت إشراف الأمم المتحدة. في الواقع، منحت هذه الآلية إسرائيل صلاحية اتخاذ القرار والبت في أي من خطط البناء يتم الموافقة عليها وتنفَّيذها. حتى خطط البناء التي تمت الموافقة عليها بالفعل تأخرت بشكل كبير بسبب بطء الآلية وتعقيدها.

ما بين السنوات 2015 و 2022، توقفت إسرائيل عن التعامل مع الحصى والأسمنت الرمادي والأبيض وقضبان الحديد واللفّات الفولاذية باعتبارها مواد ذات استخدام مزدوج تتطلب “تنسيقًا خاصًا“، منذ ذلك الحين صار دخولها إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم يجري بحريّة نسبيًا (باستثناء الأوقات التي تمنع فيها إسرائيل دخولها تمامًا، مثلما بعد أيار 2021).

إن القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة البضائع، وعلى رأسها القيود على المواد ثنائية الاستخدام، جارفة للغاية. الأنظمة التي طورتها إسرائيل للسيطرة على نقل المواد ثنائية الاستخدام – مثل منظومة إعادة اعمار غزة ومنظومات أخرى شبيهة، هي أنظمة مركبة ومكلفة، غير شفافة ومليئة بالبيروقراطية. في الكثير من الأحيان لا حاجة أبدًا للقيود التي تفرضها إسرائيل على العديد من المواد، فهذه القيود تخلق العراقيل ونقص في الامداد مما يؤدي إلى أضرار اقتصادية جسيمة، يعوق الترميم والبناء، يضر بالعمل السليم لأنظمة الصحة والأنظمة المدنية الأساسية ويخنق قطاعات الصناعة في غزة. سياسة إسرائيل المتعلقة بالمواد ثنائية الاستخدام تشكل انتهاكًا لالتزامات إسرائيل كقوة محتلّة بموجب القانون الدولي.

احدى الشاحنات الأولى التي خرجت من غزة للضفة الغربية بعد سبع سنوات من الحظر التام. تصوير چيشاه - مسلك
احدى الشاحنات الأولى التي خرجت من غزة للضفة الغربية بعد سبع سنوات من الحظر التام. تصوير چيشاه – مسلك

ايضًا خروج البضائع للتسويق خارج القطاع أيضا هو حاجة حيوية وأساسية للاقتصاد. حتى اليوم، تحظر إسرائيل تسويق بضائع عديدة من غزة في الضفة الغربية وإسرائيل. صحيح أن إسرائيل سمحت بتصدير بضائع معينة من غزة لخارج البلاد في سنوات ما بعد تشديد الإغلاق عام 2007، لكن منع تسويق المنتجات الزراعية من غزّة إلى الضفّة الغربيّة ظلّ على حاله لمدة سبع سنوات. فقط في أواخر العام 2014 تم إزالة الحظر الكلي لخروج البضائع من غزّة إلى الضفّة الغربيّة، والذي شكّل أحد أقسى التقييدات الاقتصاديّة التي فُرضت على غزّة منذ صيف 2007. لاحقًا تم السماح بتسويق الأثاث ومنتجات نسيج ومنتجات زراعيّة أخرى من القطاع في الضفة الغربية. وفقًا لقائمة منسق اعمال الحكومة الاسرائيلية فإن المواد الزراعيّة التي يُسمح بتسويقها اليوم في الضفّة الغربيّة تتضمن: بندورة، خيار، فلفل، باذنجان، كوسى، بطاطا حلوة، توت أرضي، ملفوف، قرنبيط، تمر وجزر. البصل مدرج أيضا في القائمة لكن تسويقه إلى الضفة الغربية غير ممكن عمليًا.

خلال عام 2015، عام تبوير الأراضي وفقًا للشريعة اليهودية، سمحت إسرائيل ببيع كميات محدودة من البندورة والباذنجان من قطاع غزّة في إسرائيل، بموجب كميات محددة محدودة. في العام 2022، عام تبوير الأراضي التالي، سمحت إسرائيل بتسويق بضائع زراعية إضافية من غزة داخل أراضيها. وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (Food and Agriculture Organization of the UN)، فإن قيمة المنتجات الزراعية التي تم تسويقها من غزة في اسرائيل، كانت الأكبر منذ العام 2000 وبلغت 9.9 مليون دولار في عام 2022. هذه زيادة بنسبة 864٪ مقارنة بقيمة المنتجات التي تم تسويقها من القطاع في اسرائيل خلال العام 2021، والتي بلغت 1.03 مليون دولار. البضائع الأخرى من غزة التي يُسمح بتسويقها في إسرائيل هي الأثاث والملابس والخردة المعدنية.

كمية وأنواع البضائع المسموح تسويقها من غزة إلى الضفة الغربية وإسرائيل بعيدة كل البعد عن تلبية متطلبات التنمية الاقتصادية في القطاع. القيود المفروضة على تسويق المنتجات الزراعية، إلى جانب الشروط والمطالب المشددة لنقل البضائع عبر معبر كرم أبو سالم، تعيق المبادرات والأعمال والتجارة وتحرم الناس من كسب الرزق. منذ تشديد الإغلاق في تموز 2007 وحتّى نهاية العام 2014، خرجت 14.7 شاحنة فقط بمعدل شهري من القطاع، أي حوالي 1% من عدد الشاحنات التي خرجت منه قبل فرض الإغلاق: معدّل 1,064 شاحنة شهريًا. خلال العام 2020 خرج من غزة 265 شاحنة بمعدل شهري، وفي العام 2021 خرجت 338 شاحنة شهريًا، وفي العام 2022 خرجت كل شهر 484 شاحنة.

مثلما هو الحال في معبر إيرز، غالبًا ما تقوم إسرائيل باستخدام سيطرتها على معبر كرم أبو سالم لغرض ممارسة الضغط على السكان، وفي أحيان كثيرة من خلال تقييد إتاحة الوصول للسلع الأساسية لفترة طويلة. إن أي إغلاق لمعبر كرم أبو سالم أو إضافة المزيد من التقييدات المفروضة على حركة البضائع عبره لا يشكل عقابًا جماعيًا محظورًا وفقًا للقانون الدولي فقط، بل يؤدي إلى عواقب إنسانية فوريّة وأضرار اقتصادية جسيمة للسكان وللصناعة في غزة.

بوابة صلاح الدين

بوابة صلاح الدين محاذية لمعبر رفح وخاضعة لسيطرة مدنيّة وأمنيّة لسلطتي حماس ومصر، في شباط 2018 بدأ دخول البضائع من مصر إلى قطاع غزّة عن طريقها. حركة البضائع عبر هذه البوابة، خاصةً الوقود ومواد البناء، أصبحت ذات أهميّة: خلال عام 2021 دخلت من بوابة صلاح الدين 1,748 شاحنة بالمعدل شهريًا، مقابل 3,167 شاحنة بالمعدل شهريًا خلال العام 2022 (ارتفاع بنسبة 80% تقريبًا).

حتى مع توسيع نطاق دخول البضائع إلى غزة من مصر، لا تشكل عمل بوابة صلاح الدين بديلًا للعمل المنتظم والجاري لمعبر كرم أبو سالم كونها قبل كل شيء لا تصل بين غزة والأسواق الأكثر أهمية لها – إسرائيل والضفة الغربية – ولا تحتوي على البنى التحتية التي تتيح نقل كل أنواع البضائع كونها أيضا بعيدة عن كافة الموانئ في المنطقة.

منذ آب 2021، يتم تصدير الخردة المعدنية من غزة إلى مصر عبر البوابة، ومنذ كانون الثاني 2022، تسمح مصر أيضًا بتصدير نفايات البطاريات. خلال العام 2021 خرجت بالمعدل من غزة 39 شاحنة بضائع كل شهر ​​إلى مصر، وفي العام 2022 ارتفع المعدل ​​الشهري للشاحنات الصادرة من القطاع إلى 141 شاحنة. لا يعمل معبر صلاح الدين عبر أنظمةٍ منتظمة وشفّافة، وأحيانًا كثيرة يُمنع دخول البضائع بشكلٍ شبيه للمنع الذي تطبقه إسرائيل في معبر كرم أبو سالم.

جزء 3
جوًا، بحرًا، أرضًا
جوًا، بحرًا، أرضًا
مزارع في بيت لاهيا، غزة. تصوير مجدي فتحي

لا تتوقّف سيطرة إسرائيل على قطاع غزّة عند المعابر وحركة الأشخاص والبضائع فحسب، بل تسيطر إسرائيل على المجال البحريّ والجويّ أيضًا. خلافا لما نصت عليه اتفاقيات أوسلو، تحظر إسرائيل بناء ميناء بحري في غزة ولا تتيح إعادة بناء مطارها الدولي الذي دمر في القصف الإسرائيلي عام 2001. تحلق في سماء غزة طائرات اسرائيلية بدون طيار تسمَع أصواتها المزعجة طوال ساعات اليوم. تغلق إسرائيل المجال الجوي لغزة، كما أنها تتحكم بالفضاء الكهرومغناطيسي في القطاع. وهي لا تخصص ترددات اتصال من الجيل الثالث والرابع لغزة، مما يقيّد أيضًا صناعة “الهايتك” وأنشطة المصالح التجارية والمؤسسات الأخرى التي تعتمد على خدمات الإنترنت بالإضافة إلى الاتصالات الخليوية.

المنطقة العازلة

تفرض إسرائيل “منطقة عازلة” داخل قطاع غزة على طول السياج الفاصل، تقع في تلك المنطقة قسم كبير من الأراضي الزراعية في القطاع. تحظر إسرائيل على سكان غزة الاقتراب إلى مسافة 300 متر من السياج وتسمح (بالانچليزية) لقلة من المزارعين ورعاة المواشي بالوصول حتّى 100 متر عن السياج. وهي تفرض قيود الوصول لهذه المنطقة بواسطة إطلاق الرصاص الحي، وتقتحم المناطق المحاذية للسياج بشكل منتظم. يتضح من المحادثات التي أجريناها مع المزارعين ورعاة المواشي ممن يسعون لأداء حياة اعتيادية في المنطقة الغازلة او بالقرب منها أنهم لا يعرفون متى يكونون في حالة خطر تعددهم.

بدأت السلطات في غزة أيضًا في العام 2017 بفرض قيود معينة في محيط المنطقة العازلة: قيود على أنواع المزروعات في مناطق معينة من المنطقة العازلة، عدم السماح للمزارعين بعد الساعة 19:00 من دخول الأراضي الواقعة على بعد أقل من 300 متر من السياج (شرق شارع جكر)، أما مَن ليسوا مزارعين فيحتاجون إلى تصريح خاص لدخول المنطقة في جميع ساعات اليوم. تشكّل المنطقة العازلة حوالي 17% من مجموع الأراضي في قطاع غزة، وحوالي 35% من الأراضي المهيّأة للزراعة فيه.

سواء تم فرض القيود من قبل إسرائيل أو من قبل السلطات المحلية في غزة على الوصول إلى الأراضي، أو على أنواع المزروعات أو على المباني التي يمكن وضعها على الأراضي الزراعية، فإن القيود المفروضة تضر بالإنتاج الزراعي في قطاع غزة وتضر بسبل عيش السكان غير المستقرة أصلًا.

وفقا لمعطيات مركز الميزان في غزّة، بين الأعوام 2020 و- 2022، سُجلت 2,084 حادثة إطلاق نار وقصف من قبل إسرائيل على مزارعين ورعاة وجامعي خردة الحديد بمحاذاة السياج، وأدّت إلى مقتل ما لا يقل عن 19 فلسطينيّ وإصابة 159 شخص. في الأحداث الاحتجاجية التي أطلِق عليها اسم “مسيرات العودة” التي بدأت في آذار 2018 واستمرت طوال عام 2019 بجانب السياج بين إسرائيل وغزة، استخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي ضد المتظاهرين. بحسب معطيات نشرتها الأمم المتحدة، قتل في هذه المظاهرات 214 فلسطينيًا، من بينهم 46 طفلاً، وأصيب أكثر من 36,100، حوالي 8,800 منهم من الأطفال.

لا يقتصر العدوان الإسرائيلي بمحاذاة السياج على إطلاق النار. في نهاية العام 2015 اعترف الجيش الإسرائيليّ لأوّل مرّة أنّه يرش مبيدات أعشاب من الجو فوق منطقة السياج داخل غزة حتّى تبقى هذه المناطق مكشوفة. في أعقاب جهود قضائية بذلتها “ﭼيشاه-مسلك”، مع مؤسسة عدالة ومركز الميزان، ومن المتابعة والتوثيق الذي أجرته جمعيات حقوق انسان مختلفة، يتبيّن أن رش المبيدات هذا يضر بمحاصيل زراعية كثيرة على مسافة تزيد عن 300 متر بكثير، مما يضرّ بمصادر معيشة المزارعين، وباقتصاد القطاع بأكمله. أما الأضرار التي يمكن أن يسببها رش المبيدات على المدى البعيد فما زالت مجهولة.

منذ عام 2014، كان العام 2019 العام الكامل الذي لم تقم فيه إسرائيل برش المبيدات من الجو، أفاد حينها المزارعون بوجود أثر إيجابيّ لذلك على المحاصيل. لكن في كانون ثاني 2020 قامت الطائرات (بالانچليزية) الإسرائيلية برش مبيدات الأعشاب على طول السياج الفاصل وعرضت حقول زراعية واسعة للخطر. استمرت إسرائيل بهذه الممارسة المدمرة وأعادت الرش في نيسان 2020، في ظل التعامل مع أزمة وباء كورونا، وخلافًا لواجب إسرائيل بحماية الأمن الغذائي لسكان قطاع غزة. لم يتم توثيق أي حالات رش أخرى من الجو منذ نيسان 2020، لكن هناك خطر دائم على مزارعي المنطقة من تجدد هذه الممارسة المدمرة، دون سابق إنذار، وإلحاق أضرار جسيمة بمصدر رزقهم.

حيّز الصيد البحري

صيد الأسماك، أحد أقدم المهن في قطاع غزة وأكثرها ارتكازًا، أصبح مهنة شديدة الخطورة في العقود الأخيرة. تقيّد إسرائيل إمكانيات الوصول إلى المجال البحري في قطاع غزة، يتم فرض هذه التقييدات من قبل قوات جيش البحرية الإسرائيلي من خلال إطلاق النيران التحذيرية أو الحية باتجاه القوارب والصيادين، مما يتسبب في إصابات وأضرار جسيمة للصيادين، والأسوأ من ذلك كله، في بعض الأحيان، يؤدي إطلاق النيران لخسائر بالأرواح. تفيدت نقابات الصيادين في غزة عن استخدام النيران الحية، ومصادرة قوارب ومعدات الصيادين واعتقال الصيادين حتى في المساحة المسموحة. في أيار 2020 سُجل تصعيد في وتيرة العنف وإطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي ضد الصيادين، وتواصلت الأنباء عن مثل هذه الحوادث أيضًا خلال عام 2021 وعام 2022؛ سُجلت 136 حادثة إطلاق نار على الصيادين بين كانون الثاني وأيار

وفقًا لاتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1995، يمكن للصيادين في غزة الابتعاد لمسافة تصل إلى 20 ميلاً بحريًا من الشاطئ، لم يتم تطبيق هذا الاتفاق أبدًا. فرضت إسرائيل على مدار السنوات تقييدات متفاوتة على المنطقة المسموحة للصيادين والتي تراوحت من ثلاثة إلى تسعة أميال بحرية من شاطئ قطاع غزة. في بداية عام 2019، أعلنت إسرائيل أنّ المساحة المتاحة للصيد ستوسّع حتّى 12 ميل بحريّ في جنوب القطاع، وتبقى ستة أميالٍ بحريّة في شمال القطاع. خلال نفس العام اضيفت مساحة صغيرة يسمح الجيش للصيادين بالإبحار بها حتى 15 ميل بحري من الشاطئ. في الأطراف، في الجنوب والشمال، أقرت إسرائيل مساحة يقدر عرضها بميل بحري واحد يمنع فيه الإبحار كليًا. منذ نيسان 2022 يدور نضال قضائي مبدئي تقوده “چيشاه-مسلك”، ويتعلق بقانونيّة القيود التي تفرضها إسرائيل في الحيّز البحري لقطاع غزة، وصلاحية سلاح البحرية الإسرائيلي للقيام بمصادرة دائمة ونهائية لقوارب صيد يقبض عليها.

مثلما في إغلاق المعابر أو تقييد الحركة عبرها، غالبًا ما تستخدم إسرائيل تقليص منطقة الصيد كوسيلة للضغط على سكان قطاع غزة، وهي خطوة تشكل عقابًا جماعيًا محظورًا. قلصت إسرائيل منطقة الصيد خلال عام 2019 تسع مرات على الأقل كإجراء عقابي جماعي، وتم في أربع منها فرض إغلاق بحري كامل. واصلت إسرائيل القيام بذلك خلال عامي 2020 و- 2021. حظرت إسرائيل تمامًا الدخول إلى البحر مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار 2021، هذا الحظر ظل ساري المفعول لمدة 15 يومًا متتالية. حتى بعد أسابيع من التوصل إلى وقف إطلاق النار، واصلت إسرائيل تقليص المساحة المسموح بها للصيد.

تقيد إسرائيل، بل وتمنع، دخول المواد اللازمة لصيانة القوارب المتضررة من إطلاق النار أو الحوادث في البحر، ويضطر الصيادون إلى تعطيل القوارب المتضررة. أثرت القيود المختلفة بشكل عميق على عمل ومعيشة ما يزيد عن 50 ألف من الأشخاص (بالانچليزية) المعتمدين على هذ القطاع. حيث انخفض عدد العاملين في مجال صيد الأسماك من حوالي 10,000 في عام 2000 إلى حوالي 3,600 في بداية عام 2020.

قوارب صيد في غزة. قطاع الصيد أصبح مع الوقت مهنة خطيرة. تصوير: أسماء الخالدي
جزء 4
النقص في الكهرباء
النقص في الكهرباء

 

يعاني قطاع غزة منذ سنوات طويلة من انقطاعات مستمرّة للكهرباء يوميًا. يؤثر نقص الكهرباء على العديد من جوانب الحياة اليومية في قطاع غزة، على العمل والأداء السليم للمستشفيات والشركات والمصالح التجارية والنشاط الصناعي والمؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى أداء البنى التحتية المدنية مثل شبكات المياه والصرف الصحي، وهذا ما يؤدي إلى مضار ومكاره بيئية معقدة تزيد من قسوة ظروف العيش في القطاع.

المازوت المستخدم لتشغيل محطة الكهرباء ممول من قطر، ويتم شراؤه في إسرائيل وينقَل إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم. تنتج المولدات الثلاثة التي تعمل عادة في المحطة قرابة 65-75 ميغاواط بالمجمل، بالإضافة إلى كمية الكهرباء التي تشترى من إسرائيل (120 ميغاواط)، والتي تتدفق عبر خطوط إمداد مباشرة. توقفت مصر عن إمداد غزة بالكهرباء في 2018 بعد أن كانت تزود قطاع غزة سابقًا بالكهرباء من خلال خطوط الإمداد المباشر. يوفر إجمالي إمدادات الكهرباء في غزة للمواطنين (حوالي 195 ميجاوات في المجموع) ما يصل إلى 15 ساعة فقط من الكهرباء يوميا (بالانچليزية).

2.05
مليون نسمة
حسب مُعطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
365
كيلومتر مربع مساحة قطاع غزة
الكثافة السكّانية في القطاع من بين الأكثر ارتفاعًا في العالم: 5,154 شخص لكل كيلومتر مربع
70%
من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية
حسب تقديرات الأمم المُتحدة، معظم المساعدات تقدم من خلال مخصصات الغذاء
~48%
نسبة البطالة (الربع الأول، عام 2021)
مُقارنةً مع مُعدّل %17 في الضفة الغربيّة لنفس الفترة
66%
نسبة البطالة في أوساط الشباب
مُعدّل البطالة بين الشباب (15-29) في الربع الأول من عام 2021
+40%
من السكان دون جيل 15 عام
يشكل الاشخاص الذين تبلغ اعمارهم 65 عامًا وما فوق أقل من 3% من سكان غزة

تزويد الكهرباء يتغيّر بحسب ظروف الطقس التي تؤثر على استهلاك الطاقة: في ذروة الشتاء والصيف، عندما يزيد استهلاك الطاقة، تقل ساعات الكهرباء المتاحة للسكان. التمويل الخارجي مكّن من صمود البنى التحتيّة العامة كالمستشفيات، المصالح التجارية، والبيوت الخاصّة بوضع أفضل من الماضي، إلا أن ذلك لا يوفّر حلًا مستديمًا طويل الأمد. بحسب شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة، حتى في فترات انخفاض الاستهلاك، فإن التزويد الكهربائي لا يصل حتى إلى نصف الطلب على الكهرباء في قطاع غزة، والذي يبلغ 400-500 ميغاواط.

في كثير من الحالات (بالانچليزية)، (كان آخرها في آب 2022 وأيار 2023)، منعت إسرائيل دخول الوقود إلى محطة الطاقة عبر معبر كرم أبو سالم، وبذلك أضرّت بشكل متعمد بوصل الكهرباء للسكان، وكذلك تنقية مياه الصرف وعمل البنى التحتيّة الحيويّة والمؤسسات العامة.

في الوقت الذي تتخذ فيه دول العالم خطوات لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة، فإن النقص في الكهرباء والسياسات الإسرائيلية المتعلقة بحركة الأشخاص والبضائع يؤديان إلى تفاقم الدمار البيئي في القطاع مما يمنع من الفلسطينيين في غزة (بالانچليزية) من تطوير اساليب للتكيف مع التغيير المناخي.

جزء 5
موقف “چيشاه – مسلك”
يسرى وحفيدتها، منفصلات عن عائلتهن في الضفة الغربية. تصوير إيمان محمد

يفرض القانون الدوليّ واجبات على إسرائيل كونها قوة احتلال، منها واجب إتاحة حياةٍ طبيعيةٍ لسكّان المناطق المحتلّة تتضمن قطاع غزة. انطلاقًا من سيطرتها الواسعة والواضحة على العديد من جوانب الحياة في قطاع غزّة، يقع على إسرائيل واجب أخلاقي بالامتناع، كحد أدنى، عن إلحاق الأذى بسكان قطاع غزة.

بحسب القانون الدولي لا يقع على مصر، التي تتقاسم حدًا مع قطاع غزة، أي التزام مفروض على قوة احتلال. ولكن، نظرًا للإغلاق الذي تفرضه إسرائيل، فيقع على مصر واجب السماح بمرور الأشخاص والمساعدات الإنسانية بينها وبين غزة. مثل دول أخرى في العالم، يقع عليها واجب العمل على منع انتهاك القانون الدولي، مثلًا من خلال الامتناع التام عن سياسة العقاب الجماعي.

لإسرائيل الحق في وضع الترتيبات الأمنية لمنع نقل الأسلحة، لكن وفقًا للقانون الدولي، على هذه الترتيبات أن تكون معقولة وتناسبية. على إسرائيل أن توازن بين احتياجاتها الأمنية وواجبها لحماية حقوق الانسان الأساسية للفلسطينيين. ان الإغلاق المفروض على غزة لا يحقق مثل هذا التوازن، فهو يقوّض الحق لحرية التنقل وحقوق أخرى متعلقة به، وهو مرفوض ومحظور نهائيًا.

بحسب موقف “چيشاه – مسلك”، يجب على إسرائيل السماح بحرية تنقل الأشخاص والبضائع من وإلى قطاع غزة بما يخضع فقط لإجراء فحوصات أمنية فردية، تناسبية ومعقولة، والسماح للفلسطينيين والفلسطينيات في قطاع غزة ليس فقط بممارسة حقوقهم الأساسية، بل أيضًا إمكانية الوصول إلى كل ما يتطلبه العيش بكرامة.

 

 

* بموجب تعليمات القانون، يسر “ﭼيشاه – مسلك” التنويه أنه نتيجة للتعاون مع دول ومؤسسات دولية، التي تدعم عملنا لتعزيز حقوق الإنسان، غالبية التمويل لنشاطاتنا يأتي من “كيانات سياسيًة أجنبيًة”.